يؤدي نمو التكنولوجيات الرقمية المتسارع إلى إحداث ثورة في مختلف القطاعات، ومنها قطاع العقارات الذي كان متخلفاً في جهوده الرامية إلى دمج التكنولوجيات والابتكارات الرقمية على مدى سنوات. ولكن، في ظل تزايد تنافسيةً هذا القطاع، تضطر الشركات إلى استكشاف إمكانات التكنولوجيات الرقمية بهدف تلبية طلب العملاء المتغيّر باستمرار وترسيخ مكانتها الرائدة في السوق.
شقّت مجموعة من الابتكارات التكنولوجية طريقها إلى قطاع العقارات خلال السنوات الماضية، وأحدثت ثورة في طريقة تطوير العقارات وبيعها وإدارتها. فإذا راقبنا اتجاهات السوق الأخيرة، سيتّضح لنا أنّ مستقبل القطاع لن يقوم على تسليم مبنى رباعي الجدران للعملاء، بل على تقديم تجربة مصممة حسب الطلب من شأنها أن تعزّز التفاعل والتعاون معهم على المدى الطويل. ولا شك في أنّ قسم إدارة الممتلكات ضمن قطاع العقارات ينهض بدور مهم من هذه الناحية، إلا أنّه قد يصعب على رئيس هذا القسم القيام بالمهام الهائلة التي ينطوي عليها هذا المسعى وقد يتعذّر عليه تحقيق أهدافه. من هنا أهمية التكنولوجيا العقارية التي قد تساعده في مهمّته هذه.
يشمل مصطلح التكنولوجيا العقارية أو تكنولوجيا العقارات كافة الأدوات التكنولوجية التي يستخدمها الخبراء في القطاع لتحسين طريقة شراء العقارات وبيعها ودراستها والترويج لها وإدارتها. فمن شأن هذه التكنولوجيا أن تساهم في تسريع عملية شراء العقارات واستئجارها وبيعها وتعزيز شفافية المعاملات، فضلاً عن فتح آفاق جديدة لطريقة استخدام المساحة وشغلها. في الواقع، يفضّل الجيل الحديث من العملاء المعاملات السهلة التي تضمن لهم راحة البال. فعلى عكس الممارسات التقليدية، يعتمد معظم مشتري / بائعي العقارات الآن على جوّالهم لتلبية متطلبات إجراءات البيع أو الشراء. فبحسب تقرير صادر عن الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين، يبحث 43% من المشترين عن عقارات معروضة للبيع عبر الإنترنت، في حين أنّ 18% منهم فقط يتواصلون مع سمسار عقارات مباشرةً.
لا يختلف اثنان على أنّ دخول أدوات التكنولوجيا العقارية إلى سوق العقارات من الباب العريض يعود بفوائد عدّة على المشترين والبائعين وأصحاب العقارات، إلى جانب الشركات والمستثمرين العقاريين. ففي ظلّ الاعتماد المتزايد على حلول التكنولوجيا العقارية، بات السوق يقدّم حالياً كمية هائلة من البيانات العقارية، الأمر الذي شكّل مهمة صعبة في المعاملات غير المتصلة بالإنترنت. ولا شكّ في أنّ أدوات التكنولوجيا العقارية باتت أكثر أهمية حيث إنّ توقّعات المستثمرين والشركات والعملاء المتغيّرة باستمرار تدفع بالقطاع نحو المزيد من الشفافية والانفتاح.
لا يخفى على أحد أنّ قطاع العقارات هو نشاط تجاري يتطلّب تواصلاً فعّالاً مع الناس في سبيل نجاح الصفقات. فالتواصل بشكلٍ واضح مع كافة الأطراف المشاركة في الصفقة العقارية يساهم في إتمامها بشكل أسرع وأكثر سلاسة. وصحيح أنّه كان يصعب في ما مضى الحفاظ على تواصل شفاف بين الأطراف المشاركة في صفقة غير متصلة بالإنترنت، إلا أنّه بعد ظهور أدوات التكنولوجيا العقارية مثل الدردشة الآلية، أصبح التواصل بين أصحاب العقارات والمستأجرين وغيرهما من أصحاب المصلحة أسهل، مما ساعدهم على اتخاذ قرارات مدروسة.
هذا وقد ساهم دمج هذه التكنولوجيا في الإجراءات العقارية في تعزيز إنتاجية القطاع. فالنشر الفعّال لأدوات التكنولوجيا العقارية يُعتبر عاملاً أساسياً في سوق العقارات التنافسي حيث تحتاج الشركات إلى الابتكار بشكلٍ متواصل للحفاظ على مكانتها. في الواقع، تنطوي الإجراءات العقارية غير المتصلة بالإنترنت على العمل اليدوي وجداول البيانات والجولات الحية والتدابير البيروقراطية، وتتطلّب الكثير من الوقت والمال وقد تكون عرضة للخطأ. لذلك، تلجأ الشركات إلى التكنولوجيات العقارية المتطورة إلى تبسيط الإجراءات لجميع الأطراف المعنية بهدف ضمان تجربة عقارية سلِسة.
في الختام، تعود الأدوات الرقمية التي اجتاحت قطاع العقارات بفوائد عدة، أبرزها ربط سماسرة العقارات بالمزيد من المشترين والبائعين المحتملين. فقد غدا التحول الرقمي في قطاع العقارات حاجة ملحّة في عصرنا اليوم. لذلك، يجب أن تكون الشركات أكثر استعداداً لاحتضان التكنولوجيات الجديدة كي تحافظ على مكانتها التنافسية في السوق.